الصداع : أنواعه المختلفة ومتى يجب عليك زيارة الطبيب فوراً؟
الصداع هو أحد أكثر الشكاوى الصحية شيوعاً في العالم، وقليلون هم من لم يختبروا هذا
الألم المزعج في مرحلة ما من حياتهم. يتراوح الصداع من إزعاج خفيف ومؤقت إلى ألم شديد
ومُنهك يمكن أن يعطل الحياة اليومية. ورغم أن معظم حالات الصداع لا تشير إلى وجود مشكلة
خطيرة، إلا أن فهم أنواعه المختلفة ومعرفة العلامات التحذيرية التي تستدعي القلق هو
أمر ضروري لصحتك وسلامتك.
في هذا الدليل الشامل، سنستكشف أشهر أنواع الصداع، ونوضح الفروق بينها، ونقدم لك قائمة
بالعلامات الحمراء التي تعني أن صداعك ليس مجرد ألم عابر، بل إشارة تستوجب زيارة الطبيب
بشكل فوري.
ما هي أشهر أنواع الصداع؟
يمكن تصنيف الصداع بشكل أساسي إلى فئتين: الصداع الأولي (Primary headache)، والذي
لا يكون ناجماً عن حالة طبية أخرى، والصداع الثانوي (Secondary headache)، الذي يكون
عرضاً لمرض أو إصابة ما.
صداع التوتر (Tension Headache)
هذا هو النوع الأكثر شيوعاً على الإطلاق. يشعر المصاب به بألم ثابت وغير نابض، يوصف
غالباً بأنه "شريط ضاغط" حول الرأس.
الأعراض: ألم خفيف إلى متوسط الشدة على جانبي الرأس، وقد يمتد إلى الرقبة والكتفين.
الأسباب الشائعة: الإجهاد، قلة النوم، وضعيات الجلوس الخاطئة، إجهاد العين.
العلاج: مسكنات الألم المتاحة دون وصفة طبية (مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين)،
تقنيات الاسترخاء، والراحة.
الصداع النصفي (Migraine)
الصداع النصفي أكثر من مجرد صداع شديد؛ إنه حالة عصبية معقدة. يتميز بألم نابض حاد،
عادة ما يتركز في جانب واحد من الرأس.
الأعراض: ألم شديد ونابض، حساسية للضوء والصوت، غثيان وقيء. قد يسبق النوبة ما يعرف
بـ "الأورة" (Aura)، وهي اضطرابات بصرية مثل رؤية ومضات ضوئية أو خطوط متعرجة.
الأسباب الشائعة: التغيرات الهرمونية (خاصة لدى النساء)، بعض الأطعمة والمشروبات، التوتر،
التغيرات في نمط النوم.
العلاج: يتطلب غالباً أدوية خاصة يصفها الطبيب (مثل التريبتانات)، بالإضافة إلى تجنب
المحفزات المعروفة.
الصداع العنقودي (Cluster Headache)
رغم ندرته، إلا أنه من أشد أنواع الصداع ألماً. يأتي في دورات أو "عناقيد"،
حيث تحدث نوبات ألم شديدة وقصيرة بشكل متكرر على مدى أسابيع أو أشهر، تليها فترة هدوء.
الأعراض: ألم حارق أو حاد وشديد للغاية، يتركز دائماً حول عين واحدة. قد يصاحبه احمرار
العين، سيلان الأنف، وتدلي الجفن في نفس الجانب.
الأسباب الشائعة: السبب الدقيق غير معروف، لكن يُعتقد أنه مرتبط بمنطقة ما تحت المهاد
في الدماغ.
العلاج: يتطلب علاجاً طبياً متخصصاً، قد يشمل استنشاق الأكسجين بتركيز عالٍ وأدوية
محددة.
متى يكون الصداع علامة خطر؟ (العلامات الحمراء)
في معظم الحالات، لا يدعو الصداع للقلق. لكن في بعض الأحيان، قد يكون مؤشراً على حالة
طبية طارئة تتطلب تدخلاً فورياً، مثل السكتة الدماغية، أو التهاب السحايا، أو ورم في
المخ. توجه إلى قسم الطوارئ فوراً إذا كان صداعك مصحوباً بأي من الأعراض التالية:
صداع مفاجئ وشديد جداً: يوصف بأنه "أسوأ صداع في حياتك".
صداع مصحوب بحمى وتصلب في الرقبة: قد تكون علامة على التهاب السحايا.
صداع بعد إصابة في الرأس: خاصة إذا كان الألم يزداد سوءاً.
صداع مصحوب بضعف أو تنميل: ضعف في جانب واحد من الجسم، صعوبة في الكلام، أو تدلي في
الوجه (علامات السكتة الدماغية).
صداع مصحوب بتشوش في الرؤية أو فقدانها: رؤية مزدوجة أو فقدان مفاجئ للبصر.
تغير في نمط الصداع: إذا كان صداعك المعتاد قد تغير فجأة في شدته أو طبيعته.
صداع يزداد سوءاً مع السعال أو الحركة.
صداع يوقظك من النوم.
خاتمة
إن فهم نوع الصداع الذي تعاني منه هو الخطوة الأولى نحو إدارته بفعالية. لا تتردد أبداً
في استشارة الطبيب، خاصة إذا كان الصداع يؤثر على جودة حياتك أو إذا لاحظت أياً من
العلامات التحذيرية المذكورة أعلاه. تذكر دائماً: جسدك يرسل لك إشارات، والاستماع إليها
بعناية هو أفضل استثمار في صحتك.